أسبوع الوئام العالمي بين الأديان

In by zeinab

More

2023-02-06

Country: Morocco
City:
نبذة عن مدرسة تلمود توراة بالصويرة بالمقارنة مع مواقع التراث اليهودي الأخرى، قليلا ما يزور الأشخاص مدرسة تلمود توراة بالصويرة. “يمكنني القول إن واحدة من كل ثلاث مجموعات سياحية تمر بحي الملاح (الحي اليهودي) تأتي لزيارته. الآن بعد أن تغير اسمها، يجد الزوار صعوبة في تحديد موقعها”. لم يفاجئني تصريح سي مبارك، لأنني أنا كذلك عثرت على هذا المكان خلال بمحض الصدفة عندما كنت أتجاذب أطراف الحديث مع أحد سكان مدينة الصويرة. سي مبارك هو المشرف على مدرسة تلمود توراة (سابقا) بمدينة الصويرة، والتي تأسست عام 1888. عندما كانت المدرسة لا تزال تعمل، كان الطابق الأرضي يضم روضة الأطفال، وكان المقصف والفصول الدراسية في الطابق التالي. أغلقت المدرسة في ستينيات القرن العشرين بعد أن غادر السكان اليهود المغرب بشكل جماعي، وتم تحويل المكان إلى مأوى للعائلات اليهودية القليلة الأخيرة التي بقيت في المدينة. ظل سي مبارك يحرس المكان منذ ما يقرب من 14 عاما – منذ أن تم تحويله إلى ما يعرف حاليا بدار الحي. تعمل دار الحي كمقر ومكان اجتماع عدد من منظمات المجتمع المدني المحلية التي تشتغل مع الأطفال والنساء والشباب في مجالات التعليم والصحة وفنون الطهي والقطاعات الاجتماعية الأخرى. يخضع المبنى حاليا للترميم كجزء من مشروع إعادة تأهيل المدينة القديمة بالصويرة، إلا أن الطابق الأرضي لا تزال أبوابه مفتوحة أمام الزوار. سي مبارك ومسؤولية مقدسة ينحدر سي مبارك من قبيلة آيت لحسن من جنوب المغرب. كان والده وجده من الرحل. وخلال ترحالهم، قرروا ذات يوم قضاء بعض الوقت بالقرب من مدينة الصويرة. عندما توفي جده وفقدوا ماشيتهم بسبب الجفاف، قرر والد مبارك التخلي عن الترحال والبحث عن فرص العمل في الصويرة. جرب وظائف مختلفة، حيث عمل ك”حمال” ثم مع رجل يهودي يدعى “لياهو”، الذي علمه كيفية خياطة المراتب. وثق الرجل اليهودي بوالد مبارك منذ البداية، بحيث أمنه على إدارة عقاراته المؤجرة وأوصى بخدماته لباقي العائلات اليهودية في الصويرة. أكسب والد مبارك تفانيه في العمل وولائه ثقة الطائفة اليهودية، إذ بدأ في مساعدة العائلات اليهودية في الاهتمام ممتلكاتهم، بما في ذلك مدرسة التلمود التوراة. بعد مغادرة الطائفة اليهودية وإغلاق المدرسة، عرض على والد مبارك خيار الانتقال إلى المدرسة للاستقرار فيها مجانا وضمان الحفاظ على المكان. في ذلك الوقت، بالإضافة إلى عائلة مبارك، كان المبنى يحتضن ثلاث عائلات يهودية، إذ مكثوا في الصويرة حتى وافتهم المنية ودفنوا في المقبرة اليهودية القريبة، حسب سي مبارك. بعد العمل لمدة 50 عاما تقريبا مع الطائفة اليهودية، توفي والد مبارك أيضا، وورث الوظيفة كحارس مدرسة توراة التلمود (سابقا). سي مبارك غير متزوج وهو العضو الوحيد في عائلته الذي لا يزال يقيم في المبنى ويحرسه حتى اليوم. اختار إخوته المغادرة منذ وقت طويل. من اليمين إلى اليسار: سي مبارك يقف في نفس المكان بعد سنوات مع الوصي الحالي، الصويرة، المغرب. والد سي مبارك بمدرسة توراة تلمود السابقة في الصويرة. حقوق ملكية الصورة: سي مبارك منزل الذاكرة “لقد عشت هنا طوال حياتي. كل ذكريات طفولتي موجودة في هذا المكان، لذلك لم أستطع المغادرة”، رد سي مبارك مبتسما عندما سئل عن سبب بقائه واعتنائه بالمبنى. “إنه المكان الذي أشعر فيه بالسلام والراحة. هذا منزلي. إنه المكان حيث بدأ كل شيء. لا أريد أن أعيش في أي مكان آخر .وبما أني ورثت هذه الوظيفة عن والدي أشعر بمسؤولية أكبر تجاه هذا المكان، وأريد أن أعبر عن امتناني للطائفة اليهودية والأصدقاء والجيران الذين قدموا لنا الكثير من العون”. ولّد لدى سي مبارك شعور قوي بالحنين إلى الماضي أثناء تجولنا في الطابق الأول والتحدث معه عن ذكرياته مع جيرانه اليهود الذين شاركهم هذه المساحة ذات مرة. “أذكر أن آخر شخص يهودي كان يعيش في المدرسة توفي سنة 1999. كان جيراننا وأصدقاؤنا اليهود طيبين وكرماء. إن انتماءنا إلى ديانات وثقافات مختلفة لم يفرقنا. بغض النظر عن اختلافاتنا، كنا مجرد أصدقاء يحترمون بعضهم البعض. “أذكر أنهم كانوا يمتنعون عن الأكل علنا خلال شهر رمضان احتراما للمسلمين، ونفس الشيء بالنسبة لنا في يوم السبت، حيث كنا نحاول مساعدتهم وتزويدهم بما يحتاجون إليه في ذلك اليوم. احتفلنا بأعيادنا معا، واستضفنا بعضنا البعض، وتبادلنا الطعام الخاص ببعض المناسبات. كما كانت الطائفة اليهودية تخصص يوما للمسلمين في مقصف المدرسة اليهودية القديمة”. أتيحت الفرصة لسي مبارك للقاء العديد من الزوار الذين جاءوا يبحثون خصيصا على هذه المدرسة التي كانوا يدرسون بها. في مثل هذه الحالات، غالبا ما تراودهم مشاعر جياشة أثناء مشاركة ذكرياتهم معه. أثناء محادثتنا، وصف سي مبارك كيف أصبح من الصعب الآن على الزوار العثور على المدرسة. “يفتقر المكان إلى لافتات تحمل الاسم الأصلي للبناية “توراة تلمود”. الآن بعد أن تغير الاسم، لا يعد الناس ينتبهون إليه، أو يظنون أنه تم هدمه خلال مشروع ترميم حي الملاح. سيكون من الجميل أن تكون اللافتة مكتوبة بالعبرية والعربية والفرنسية”. تنبع الحاجة إلى الاحتفال بتاريخ هذه الأماكن من الدور الذي تلعبه هذه الأخيرة كمستودعات للذكريات، والتي تعكس التعددية التاريخية للمجتمعات التي عاش مختلف سكانها جنبا إلى جنب لأجيال عديدة. بالنسبة لمدرسة تلمود توراة (سابقا)، يقترح سي مبارك تنظيم معرض للتوراة القديمة وكتب ومحفوظات المكتبة التي كانت تستخدم خلال فترة اشتغال المدرسة. هذا الحوار هو جزء من سلسلة من الحوارات التي تحتفل بأسبوع الوئام بين الأديان (1-7 فبراير 2023) والتي تم إجراؤها في إطار برنامج ذاكرة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير وشركاؤها. يهدف البرنامج إلى تعزيز التضامن بين الأديان والأعراق من خلال الجهود المجتمعية التي تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي في المغرب. تم إنجاز هذا المقال بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تعتبر مؤسسة الأطلس الكبير المسؤولة الوحيدة عن محتواه والذي لا يعكس بالضرورة وجهات نظر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو حكومة الولايات المتحدة.